علوم

مقاربات العلم.. وفلسفة نوبل واليقين!

د. محمد السيد السّكي| استشاري تحاليل طبية وكاتب وروائي مصري

سيظل اليقين طفلاً يتيماً مكتوباً له ان يعيش في الدنيا ليكابد عناء الوحدة والشقاء، ويظل محروماً من دفء الثقة وانتفاخ اوجاج الكبر والتحقق وبلوغ المراد..
تقوم التجربة الدنيوية على مبادئ اساسية اهمها انها دار اختبار تثمر فيها ثمار الاختلاف وتأفل من سمائها نجوم اليقين ويعلو على الدوام صوت الشك والمظنة..
وستبقى نتائج العلم نسبية غير يقينية مهما حاول البعض ان يسوّق لها على أنها حصاد اليقين، فالعلم مجرد مقاربات نقترب بها من ظل اليقين الذي لاندركه الا بزوال بعد من أبعاد حقيقته.اذ ان الأجسام ثلاثية الأبعاد نرى ظلها ثنائي الأبعاد..
بمناسبة اعلان جوائز نوبل في الكيمياء والفيزياء والطب فإنني اريد ذكر بعض النقاط :
-لقد راى نيوتن بأن الجاذبية هي التي تربط الأجسام بقوة جذب تتناسب مع كتلتها ثم رأي اينشتاين ان دوران الاجرام الصغيرة حول الاجرام الكبيرة إنما يعود لانحناء في نسيج الزمكان لتصبح النسبية هي المقاربة الأكثر تفسيراً لعدد اكبر من الظواهر ثم تاتى المقاربات الكمية لتكون هي الحصان الرابح عند التعامل مع الجسيمات الدون ذرية وهكذا يبقى العلم مجرد مقاربات..
جائزة نوبل في الفيزياء التي تعلن تفتح زهرة التشابك الكمي باعتباره حقيقة عبس في وجهها كبار العلماء مثل اينشتاين لتفتح آفاقا غير محدودة في عالم الحواسيب الكمية وغيرها من التطبيقات والآفاق..
-جائزة نوبل في الطب عام ٢٠٢٢ قد يرى البعض انها انتصاراً لنظرية التطور وان هناك تشابه بين الانسان واسلافه البائدة الذي تطور منها ولكن البعض قد يرى ان ذلك تجديف في عكس تيار التطور المزعوم حدوثه بين الأنواع وإثبات ان الكائنات البشرية القديمة ماهي إلا اسلاف تطورت الي الانسان الذي هو من نفس نوعها..
-كل الشواهد تدل على احتمالية اكبر لحدوث عملية التطور في نفس النوع والشاهد عليها وجود Strainsعديدة لنفس نوع البكتريا والفيروسات بل والسحالي والثعابين وغيرها
-جائزة نوبل في الكيمياء عام ٢٠١٨ والتي تم منحها للذين توصلوا لإنتاج نوع من انزيم subtilisin أشد كفاءة لاحداث تحلل لبروتين اللبن كازيين بل وذوبانا في مذيب DMF وتم الحصول على النوع الأكثر نشاطا للانزيم من خلال أحداث عدد من الطفرات المهولة والتي تم اختز ال مدة حدوثها الي اسابيع في داخل المعمل بدلاً من مليارات السنين اذا ماحدثت طبيعيا مما يدل على أن الطفرات مهما تعددت وتكررت فانها لن تكون مسئولة عن أحداث تغير في النوع وتطور من كائن الي اخر بل تظل محدودة تحت سقف تطور في النوع نفسه فقط..
مهما تشابه التركيب الجيني للإنسان مع كائنات وانواع أخرى لدرجة تتخطى ٩٩.٩٩ ٪الا انه سيبقي مميزاً بالنفخة المقدسة وبضميره الواعي وسيظل هو الخلق الواعي المتفرد..
-يدل تشابه الجينوم البشري مع غيره من الأنواع الحية على وحدة الخالق لا وحدة الخلق..
-الحوض الجيني الكبير المتنوع للإنسان يجعله قادرا على التأقلم مع بيئته وصالحا لكل الازمان لا لأن يكون نتاج تطور من حمض اميني او بكتيريا او قرد وإنما هو خلق خاص مثله وجميع الكائنات..
-الذين يدعمون فكرة تطور نوع الي نوع ماهم الي تكريث لفكرة تكون الكون الذاتي الغير موجه والغير المنظم من قبل الخالق القدير
-سيظل الملحدون يعتقدون انهم هم على صواب محاولين الهرب مما يعتقدون انه زنزانة الإله، واني اؤمن انه أن تعيش على وهم وجود الإله الف عام خيراً من تعيش ثانية واحدة مع وهم عدم وجدوده لان ايمانك بوجوده لن يجعلك تخسر شئ ان لم يكن موجودا اللهم الا رقيك الأخلاقي وسموك النفسي وتخطيك لحاجز شهواتك..
-ولتكن على يقين ان الله البر الرحيم يراعي في حسابك كل حيود ذرة في جزئ بروتين اكسبتك جحودا وانه ليراعي كل لقمة ندية انبتتك وكل حضن اسعدك وكل جرح نفسي أو اجتماعي اغار على طمائنينة فطرتك.. انه الله العدل الصمد
-سيظل العلم مجرد مقاربات نقترب من ظلها، اذ اننا نعتقد مثلا ان الفيروسات هي سبب الأمراض ونغفل مثلا درجة ارتباط اشواك الفيروس بمستقبلات خلاياك والتي ربما هناك طاقات مخفية هي السبب في تقويتها ومن ثم حدوث الاختراق لخلاياك وحدوث المرض..
-اني اؤمن ان عمر الآدميين على الأرض لا يتخطى الأربعة عشر ألف عام وانهم لم يعرفوا عصور الحجر و ما قبل النار وإنما الانسان عرف الزراعة والنار والملبس منذ اول عهده بالارض لانه متميز عقليا ومؤيد في البدايات برعاية السماء والرب الحكيم الرحمن..
-الخلق الذي قبل آدم والذي يشبهه في تركيبه الطيني والجيني هو خلق يفتقد لوجود الوعي او النفخة المقدسة وهو الذي سفك الدماء وابيد باكمله بعد نزول آدم للارض..
ما اجمل ان يجتمع وعاء الإيمان بعذوبة سائل العلم السحري!!. وجدير بي ان اشيد بكيمياء الكليك وإمكانية تكوين انزيمات فعالة من خلال إنتاج الجزء الوظيفي فقط والذي يوفر جهدا بدل من إنتاج الانزيم باكمله والتي كانت جائزة نوبل في الكيمياء هذا العام احتفاء بمجهود العلماء لإنتاج هذه الانزيمات المختزلة وتسليط الضوء على مفهوم كيمياء النقرة والتطور الكبير في الكيمياء الفراغيةstereochemistry..

بقلم د. محمد السيد السّكي استشاري التحاليل الطبية والكاتب والروائي المصري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى