قطِّروا الحُبَّ..!
لينا شيخو | شاعرة من سورية
(1)
تعالوا .. واشتروا جوعي المَكِيْن !
قطِّروا الحُبَّ وملحَ الأزمنة .
أقفلوا البابَ الأخيرَ خلفي ،
قد ذَرَتْنِي بعض أحشائي الخؤون
في ضبابِ الأمكنة ؛
واكتريتُ الظلَّ خلِّي ،
وافترشتُ الأرصفة .
(2)
موشومة ريح التذاكر بالأسى ،
قمَر الأمومة ضلّ في منفاه .!
قد رمى جدوى سناه في ضمور الأسئلة .
تعالوا :
امنحوني خبز أيامِ ” القليلِ من البقاء ” !
اختموا جفني بأقفال السُّدَى ،
واصطفوا الوَرْدَ لحتْفي ،
اقتفوا سرّ المراثي من فتاتِ الأجوبة .
(3)
يمـرُّ بي زمني المهزوم حيناً من هزيعِ البردِ ، وتصطلي عيناي جمراً من تغاضي السابلة ..!
وتخدّدُ الآمالَ في اقتضابِ الموجِ و شاخصاتِ الريح .
تنحني أغصان قلبي ، تنهكُ حيلتي تلك الرقوش الراكضات ،
ينثني ثوب رحيلي في هلوسات الريح ،
تنضوي عيناي في غيم الرجاء ، وألمحُ في البرقِ ضوء آجلُ الانثيال .
/
أُمضي مساءاتي الحزينة في ارتحالٍ ، وأنصبُ صورتي كما لو أنها ” منحوتة الصّبَّار” في عجافِ الرمل .
وأرفو وحدتي بخيوطٍ من سرابِ الذكرياتِ وأستر عورةَ غُرْبتي بلحاف ليلٍ بارد النَّسَمات .
أرتّبُ نسياني المهذّب في شرودِ الحبّ والمطر الحزين .
\
أوصدتُ أبوابي العقيمة كلّها ، فأنا التي ضيعتُ أوْرادَ الحنانِ في غَبَشِ المسير ..!
لاتسألوا عن سُبحة الرحمات ـ كيف تاهتْ ـ
من مواجدهم ومنّي ؟!
أو كيف ضاعتْ آخرُ الكلماتِ في لُجّة التأويل ،
وسرَى فيها استياء الظنّ واستظلّ هاجسها الطويل في سدوم المشأمة ..؟!
(4)
في السّرى.. يسحبني خيطُ رفّ الحمام ، نطوّف صوبَ أقاصي الزمان .
يأسرني عطشٌ في شفة الناي ، فيمتدّ ليلي ويبردُ سجني ..وأخْرُُجُ منّي ،
وأهدي القصيد لصوتِ الحفيف ..
تخطّ الأيائل دربَ أسايَ ، نطعم للوقتِ خبزَ الرتابة ، نحطبُ للعودِ بعض الأصابع ..
لماماً ..تسكبُ في الكون بعضُ العنادلِ ..أغادريد حلمٍ حييٍّ ..وصوت يتيم ، ينامُ خجولاً بظلِّ حبيسٍ لجذعٍ عتيق ..
أنبشُ في تربةِ الحُبّ ، أعدّ الهياكل وأبذرُ ما تبقى من نوى نخلةٍ واهمة .
(5)
لو تقرؤون عليَّ ماتيسَّرَ من فصاحةِ الصوّان !
:
لدَرَيْتُم .. بأنَّ :
قيامةَ الكهلِ العليلِ قصيرةٌ أطرافها ، ولحظُ أوانها راجفُ النبض ..
وأنَّ عجوزاً .. يتلوّى عمرهُ ، مغمضٌ أهداب غربتِهِ على قلقٍ .. يَتْلوْ على أسماعِ خريفٍ أبكمِ القسَمَاتِ كثيراً من نهنهات حزنٍ نبيل .
ولعلمتم .. أنّي أتوق لركض غزلان العطايا ، وأصغي بخشوعٍ لهديل الأفئدة ، وأسرجُ راحتيَّ للحُبّ المندّى .
ليتكم تدرون أو تتذكرون عن بعضِ هذا… حين تحملكم خطاكم في دروب المَرْحَمَة ..!